Friday, May 23, 2014

From Azmi Bishara's Facebook Page


من يتحاور مع معسكر الاستبداد أثناء ارتكابه للمجازر حوارا عقلانيا في الإعلام، مهما كان حسن النوايا، وسواء كان قصده من الحوار التفاهم مع أتباعه أو فضحهم، قد يكون مفيدا في بعض الأحيان، ولا سيما في غياب استراتيجية دعائية تمثل المظلومين. ولكنه يرتكب دون أن يدري ورغم نواياه الحسنة عدة أخطاء، منها:
أولا، أنه يحول مرتكب المجازر ضد المدنيين بالجملة أثناء القتل إلى طرف مؤهل وشرعي للحديث ما يساهم في تطبيعه كطرف في مقابل طرف، ويحول الحقيقة والكذب إلى رأي في مقابل رأي، ويقلب العلاقة القائمة في الواقع وهي علاقة المجرم بالضحية.
ثانيا، أنه يمنحه فرصة للكذب وترويجه. فمن لا يردعه ضميره عن القتل بالجملة، لن يردعه عن الكذب بالجملة أيضا. ويصعب إحراج شخص لا يحرجه عار الجرائم، فإذا أحرجته في موضوع اخترع كذبة جديدة للخروج من الحرج. ولا خاتمة سعيدة لهذه العملية، فالظالم لن يعلن هزيمته أمام المنطق.
ليس هنالك ما هو أكثر رداءة من مشهد من قاتل يحاور ضحيته في الإعلام خارج بلده، ويسمح لها بالصراخ عليه، ويتظاهر أنه مظلوم في حق الكلام، وهو قادر على سجن من يحاوره في بلاده دون إبداء الأسباب، ومصادرة أملاكه، ونفيه من وطنة، وقتله، وقتل من يحتج على قتله.
ليس الصراع مع الاستبداد مسألة انتصار في محاججة، بل انتصار في النضال. ويلزم النضال دعاية إعلامية حازمة وحققة ضد الظلم لفضحه وليس للحوار معه. ولا حاجة للمبالغة في الدعاية، بل يجب أن تكون صحيحة ودقيقة وذات مصداقية، وهي تكون كذلك إذا صورت الواقع كما هو

No comments: